عمرو حمزاوى يكتب : جمهورية يوليو وعسكرة الدولة
![]() |
عمرو حمزاوى |
لا يمكن إنكار حقيقة أن 23 يوليو 1952 كان بداية لحركة تحرر وطنى ولنهضة مجتمعية مصرية ولدور فعال فى الشئون الإقليمية والدولية. كذلك لا يمكن إنكار حقيقة أن الجمهورية التى أرسى دعائمها 23 يوليو اتسمت بغياب الحرية والديمقراطية وبتضخم الدولة وعسكرة أجهزتها التنفيذية والإدارية وبسيطرتها على مجالات ما كان لها أن تتدخل بها كالإعلام والتعليم والرياضة وغيرها.
كان 23 يوليو 1952 ثورة بالمعنى المجتمعى، بملف العدالة الاجتماعية الذى التفتت إليه منذ بدايتها وبالنهضة الصناعية التى حاولتها. كما لعب جمال عبدالناصر دورا عالميا محوريا وجسد آمال العرب والأفارقة فى التحرر الوطنى وإنهاء الحقبة الاستعمارية. إلا أن حصاد جمهورية 23 يوليو فى مراحلها الثلاثة (عبدالناصر والسادات ومبارك) هو عدالة اجتماعية لم تتحقق ونهضة صناعية وئدت وتقلبات فى الدور المصرى الإقليمى والدولى رتبت لحظات تراجع كان أكثرها قسوة خلال العقود الثلاثة الماضية.
والمؤكد أن 23 يوليو 1952 أقام جمهورية حاربت الفساد فى بدايتها والتزم العدد الأكبر من مسئوليها العسكريين بالطهارة وعفة اليد وهو ما أشعر المصريات والمصريين بإخلاص هؤلاء وصدق نواياهم. إلا أن جمهورية يوليو حادت تدريجيا عن هذه القيم، وتورط بعض مسئوليها فى قضايا فساد كبرى، وما زال غياب الشفافية والفساد المؤسسى سمة أساسية لأجهزة الدولة.
نعم كان 23 يوليو 1952 بداية لجمهورية شعر المواطن فى بداياتها بالعزة والفخر والكرامة. هنا أيضا جسد عبدالناصر والأغانى الوطنية فى الخمسينات والستينات (خاصة تلك التى كتبها صلاح جاهين وتغنى بها عبدالحليم حافظ) هذا الشعور الذى تجاوز حدود مصر لبقية العالم العربى. إلا أن جمهورية يوليو تحولت سريعا لدولة لقمع الحريات ولدولة معسكرة ولدولة مخابرات من الطراز الأول، واستمرت هكذا حتى ثورة 25 يناير 2011، على الرغم من محاولة أنور السادات تغيير هذا وتجاوزه.
دعونا لا نحول 23 يوليو إلى حدث يتم التعامل معه بصيغة «كان كارثة» أو بصيغة «سيبقى خالدا رغم أنف الكارهين والحاقدين»؛ فهو فى التاريخ المصرى والعربى له الكثير وعليه أكثر، ويبقى الأهم هو التخلص من عسكرة الدولة
وبناء جمهورية ثانية تعتمد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمبادرة الخاصة أركانا أساسية وتدفع بنا للتقدم بعد طول ركود.
كل 23 يوليو وحضراتكم بخير!